طرحت الكثير من التساؤلات و النزاعات حول الموضوع،و لقطع الشك حاولنا إيجاد حل لهذا الموضوع من خلال أبحاث حول أصل القفطان ومن أين ينحدر؟ و كيف حتى وصل إلى بلاد المغرب العربي؟.
و كل هذا في موضوعنا هذا حول القفطان و أصوله.
أصل القفطان:
عرف القفطان منذ القدم كلباس منتشر في مختلف أنحاء العالم،و في مناطق مختلفة منها(آسيا الوسطى،بلاد فارس”إيران حاليا“،الهند عندما كانت محتلة من الماغول،البندقية،المملكة العثمانية”تركيا حاليا“) كما ينحدر حتى العهد الأموي .
القفطان عبار عن عباءة أو سترة طويلة تلبس فوق اللباس أنذاك،و كان القفطان لباس مخصص للرجال فقط.
و كلمة قفطان أو كما يطلق عليها باللغة الفرنسية(Kaftan,qaftan)كلمة تركية مأخوذة أصلا من اللغة الفارسية و الذي يطلق عليه إسم”خفتان”أو باللغة الأجنبية(khaftan).
و أغلب أنواع القفطان تشترك في التفاصيل،فأغلبها طويلة بأكمام طويلة واسعة أو تصل إلى الكوع،بأزرار أو دون أزرار و هذا ما يطلق عليه إسم السفيفة،و في الأخير كل منطقة أو بلد أضاف اللمسة التي تميز منطقته على القفطان من أقمشة،ألوان،تطريز،الزينة،ومن هنا ظهر القفطان الفارسي،التركي،الماغولي،الجزائري،و المغربي.
القفطان عبر التاريخ:
ساهم الإنتشار الجغرافي الإسلامي إلى إنتشار القفطان على مدى قرون و في مختلف البلدان و الثقافات،و كان هذا الإنتشار ناتج عن التجارة و القوافل التجارية العابرة أنذاك عبر العالم العربي و الإسلامي،حاملين معهم مجموعة متنوعة من المنتجات و الأقمشة و الأنسجة،فمكة المكرمة أو الحج كان منطقة عبور لكثير من التجار وكانت مدينة تجارية في ذلك الوقت يتبادل فيها التجار السلع الآتية من شرق آسيا،المشرق،إفريقيا و أوروبا.
القفطان في العهد العثماني:
كان اللباس الرسمي للسلاطين العثمانيين أنذاك،وكان يشكل واحدة من المجموعات الرئيسية للقصر “توبكابي” في إسطنبول،و البعض قيم للغاية حتى أنه كان يقدم كهدية و مكافأة لكبار الوجهاء و الجنرالات المنتصرة في الإحتفالات الدينية.
القفطان العثماني يكون مطرز على الصدر و الأكمام،و لكن لكل شخصية قفطان مخصص لها حسب المكانة من حيث اللون،الطرز،الزينة و الأشرطة التي تتوافق مع زينة من يرتديها.هذا في القرن الرابع عشر(14)،أما في القرن السابع عشر(17) تطور فن القفطان مع تطور نوع الأنسجة السليمية المتميزة بالأشرطة العريضة و العمودية و التطريز الدقيق، ويتم إنتاجها في إسطنبول و بورصا عندما لا يتم إستيرادها من البندقية و جنوة و بلاد فارس و الهند و الصين.
و كل نسيج له خصائص معينة و إسم مختلف منها المخملي(Velours)،التفتا(Taffetas)،و أيضا الكريب،كما أن لكل منطقة لون يميزها فمثلا الصين “الأزرق“،تركيا“الأحمر،الأرجواني،لون السفرجل المطبوخ،أو أصفر الزعفران”.
في عام 1922 ومع سقوط حكم الدولة العثمانية و ظهور الزعيم الروحي و مؤسس تركيا الحديثة”مصطفى كمال أتاتورك” تعهد بأن يتخلص جذريا من كل شئ له علاقة بالحكم العثماني،و حتى اللباس تعرض للحداثة و العصرنة كالقفطان،الطربوش و غيرها،و فتح المجال للألبسة و الأزياء الغربية العصرية.
أما في شمال إفريقيا أو ما يعرف بالمغرب العربي ، فلم يثبت وجود القفطان عند سكان المنطقة قبل دخول الإسلام و لا عند الحضارات التي انتشرت في منطقتهم ، والراجح أن لباس القفطان قد انتشر عندهم بعد دخول الإسلام وبعد اندماج الثقافات الشرقية ( خاصة الفارسية ) مع غيرها ، تحت ظل الدولة المسلمة الواحدة.
وبعد أن أثبتنا دخوله المنطقة في العهد الإسلامي ، فإن انتشاره في المدن التي سكنها العثمانيون و المسلمون المنحدرون من الأندلس يحملنا على ربط هذا اللباس بثقافتهم و خاصة أن العثمانيين اعتمدوا القفطان كلباس رسمي.
ترسخت هذه الحرفة في كل من تلمسان،الجزائر العاصمة،وهران،البليدة،القليعة،تونس،تسور،فاس،تطوان و الرباط،الذين حافظوا على هذا الموروث،و كل منطقة طورته على طريقتها مع إضافة اللمسات التي تميز كل ناحية.
و في الوقت الحالي بدأ المصممون الجزائريون بإدخال تعديلات حديثة على اللباس التقليدي حتى يتماشى مع عصرنة الأزياء.
القفطان في الجزائر:
من الألبسة التقليدية المعروفة في الجزائر ، الشدة التلمسانية و هي مصنوعة في بطانة قفطان و طريقة تفصيلها و طرزها تدل على أنها مستوحاة من القفطان نفسه. mu2legendzen ( القفطان القديم و ليس ما يعرف اليوم بالقفطان )
سابقا كانت القفاطن واسعة و عريضة الأكمام،و القفطان التلمساني الذي جاء مع مجيء الأندلسيين هو عبارة عن قفطان قصير حتى الركبتين أو يتعداهم قليلا فقط،وهذا النوع من القفطان الذي يشبه الشدة التلمسانية ( إن لم يكن نفسه ) إختف في معظم المدن الكبرى،ولكن لا يزال الزي الرسمي لمدينة تلمسان غرب الجزائر.
قد يعترض البعض بأن القفطان و الشدة شيئان منفصلان ، و ردنا أننا نتكلم من الناحية التاريخية و كون الشدة تعتبر لباس منصل عن القفطان اليوم لا يمنع أنها كانت في أصلها منبثقة منه.
أما في الجزائر العاصمة فيبرز الكاراكو.